سورة فصلت - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فصلت)


        


{وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان} نخس شبه به وسوسته لأنها تبعث الإِنسان على ما لا ينبغي كالدفع بما هو أسوأ، وجعل النزغ نازغاً على طريقة جديدة، أو أريد به نازغ وصفاً للشيطان بالمصدر. {فاستعذ بالله} من شره ولا تطعه. {إِنَّهُ هُوَ السميع} لاستعاذتك. {العليم} بنيتك أو بصلاحك.
{وَمِنْ ءاياته اليل والنهار والشمس والقمر لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ} لأنهما مخلوقان مأموران مثلكم. {واسجدوا لِلَّهِ الذى خَلَقَهُنَّ} الضمير للأربعة المذكورة، والمقصود تعليق الفعل بهما إشعاراً بأنهما من عداد ما لا يعلم ولا يختار. {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} فإن السجود أخص العبادات وهو موضع السجود عندنا لاقتران الأمر به، وعند أبي حنيفة آخر الآية الأخرى لأنه تمام المعنى.
{فَإِنِ استكبروا} عن الامتثال. {فالذين عِندَ رَبّكَ} من الملائكة. {يُسَبّحُونَ لَهُ بالليل والنهار} أي دائماً لقوله: {وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ} أي لا يملون.
{وَمِنْ ءاياته أَنَّكَ تَرَى الأرض خاشعة} يابسة متطامنة مستعار من الخشوع بمعنى التذلل. {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء اهتزت وَرَبَتْ} تزخرفت وانتفخت بالنبات، وقرئ: {ربأت} أي زادت. {إِنَّ الذى أحياها} بعد موتها. {لَمُحْىِ الموتى إِنَّهُ على كُلّ شَئ قَدِيرٌ} من الإِحياء والإِماتة.
{إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ} يميلون عن الاستقامة. {فِي ءَايَاتِنَا} بالطعن والتحريف والتأويل الباطل والإِلغاء فيها. {لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} فنجازيهم على إلحادهم. {أَفَمَن يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَم مَن يَأَتِي آمِناً يَوْمَ القِيَامَةِ} قابل الإِلقاء في النار بالإِتيان آمناً مبالغة في إحماد حال المؤمنين. {اعملوا مَا شِئْتُمْ} تهديد شديد. {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وعيد بالمجازاة.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَاءَهُمْ} بدل من قوله: {إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ فِى ءاياتنا} أو مستأنف وخبر {إِن} محذوف مثل معاندون أو هالكون، أو {أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ} و{الذكر} القرآن. {وَإِنَّهُ لكتاب عَزِيزٌ} كثير النفع عديم النظير أو منيع لا يتأتى إبطاله وتحريفه.
{لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات أو مما فيه من الأخبار الماضية والأمور الآتية. {تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ} أي حكيم. {حَمِيدٍ} يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه.
{مَّا يُقَالُ لَكَ} أي ما يقول لك كفار قومك. {إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ} إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم، ويجوز أن يكون المعنى ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم. {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةَ} لأنبيائه. {وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} لأعدائهم، وهو على الثاني يحتمل أن يكون المقول بمعنى أن حاصل ما أوحي إليك وإليهم، وعد المؤمنين بالمغفرة والكافرين بالعقوبة.
{وَلَوْ جعلناه قُرْءاناً أعْجَمِيّاً} جواب لقولهم: هلا أنزل القرآن بلغة العجم والضمير {للذكر}. {لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ ءاياته} بينت بلسان نفقهه. {ءأَعْجَمِىٌّ وَعَرَبِىٌّ} أكلام أعجمي ومخاطب عربي إنكار مقرر للتخصيص، والأعجمي يقال للذي لا يفهم كلامه. وهذا قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي، وقرأ قالون وأبو عمرو بالمد والتسهيل وورش بالمد وإبدال الثانية ألفاً، وابن كثير وابن ذكوان وحفص بغير المد بتسهيل الثانية وقرئ: {أعجمي} وهو منسوب إلى العجم، وقرأ هشام {أعجمي} على الإِخبار، وعلى هذا يجوز أن يكون المراد هلا فصلت آياته فجعل بعضها أعجمياً لإِفهام العجم وبعضها عربياً لإِفهام العرب، والمقصود إبطال مقترحهم باستلزامه المحذور، أو للدلالة على أنهم لا ينفكون عن التعنت في الآيات كيف جاءت. {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى} إلى الحق. {وَشِفَاءٌ} لما في الصدور في الشك والشبه {والذين لاَ يُؤْمِنُونَ} مبتدأ خبره. {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} على تقدير هو في {آذَانِهِمْ وَقْرٌ} لقوله: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} وذلك لتصامهم عن سماعه وتعاميهم عما يريهم من الآيات، ومن جوز العطف على عاملين مختلفين عطف ذلك على {لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى}. {أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} أي صم، وهو تمثيل لهم في عدم قبولهم الحق واستماعهم له بمن يصاح به من مسافة بعيدة.
{وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى الكتاب فاختلف فِيهِ} بالتصديق والتكذيب كما اختلف في القرآن. {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ} وهي العدة بالقيامة وفصل الخصومة حينئذ، أو تقدير الآجال. {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} باستئصال المكذبين. {وَإِنَّهُمْ} وإن اليهود أو {الذين لاَ يُؤْمِنُونَ}. {لَفِى شَكّ مّنْهُ} من التوراة أو القرآن. {مُرِيبٌ} موجب للاضطراب.


{مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ} نفعه. {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ضره. {وَمَا رَبُّكَ بظلام لّلْعَبِيدِ} فيفعل بهم ما ليس له أن يفعله.
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة} أي إذا سئل عنها إذ لا يعلمها إلا هو. {وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَةٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا} من أوعيتها جمع كم بالكسر. وقرأ نافع وابن عامر وحفص {مِن ثمرات} بالجمع لاختلاف الأنواع، وقرئ بجمع الضمير أيضاً و{مَا} نافية و{مِنْ} الأولى مزيدة للاستغراق، ويحتمل أن تكون موصولة معطوفة على {الساعة} و{مِنْ} مبينة بخلاف قوله: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ} بِمكان. {إِلاَّ بِعِلْمِهِ} إلا مقروناً بعلمه واقعاً حسب تعلقه به. {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِى} بزعمكم. {قَالُواْ ءَاذَنَّاكَ} أعلمناك. {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} من أحد يشهد لهم بالشركة إذ تبرأنا عنهم لما عاينا الحال فيكون السؤال عنهم للتوبيخ، أو من أحد يشاهدهم لأنهم ضلوا عنا. وقيل هو قول الشركاء أي ما منا من يشهد لهم بأنهم كانوا محقين.
{وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ} يعبدون. {مِن قَبْلُ} لا ينفعهم أو لا يرونه. {وَظَنُّواْ} وأيقنوا. {مَا لَهُمْ مّن مَّحِيصٍ} مهرب والظن معلق عنه بحرف النفي.
{لاَّ يَسْئَمُ الإنسان} لا يمل. {مِن دُعَاءِ الخير} من طلب السعة في النعمة، وقرئ: {من دعاء بالخير}. {وَإِن مَّسَّهُ الشر} الضيقة. {فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} من فضل الله ورحمته وهذا صفة الكافر لقوله: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} وقد بولغ في يأسه من جهة البنية والتكرير وما في القنوط من ظهور أثر اليأس.
{وَلَئِنْ أذقناه رَحْمَةً مّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} بتفريجها عنه. {لَيَقُولَنَّ هذا لِى} حقي أستحقه لمالي من الفضل والعمل، أولي دائماً لا يزول. {وَمَا أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً} تقوم. {وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى} أي ولئن قامت على التوهم كان لي عند الله الحالة الحسنى من الكرامة، وذلك لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فلاستحقاق لا ينفك عنه. {فَلَنُنَبّئَنَّ الذين كَفَرُواْ} فلنخبرنهم. {بِمَا عَمِلُواْ} بحقيقة أعمالهم ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها. {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} لا يمكنهم التقصي عنه.
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ} عن الشكر. {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} وانحرف عنه أو ذهب بنفسه وتباعد عنه بكليته تكبراً، والجانب مجاز عن النفس كالجنب في قوله: {فِى جَنبِ الله} {وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} كثير مستعار مما له عرض متسع للاشعار بكثرته واستمراره، وهو أبلغ من الطويل إذ الطول أطول الامتدادين، فإذا كان عرضه كذلك فما ظنك بطوله؟
{قُلْ أَرَءَيْتُمْ} أخبروني.
{إِن كَانَ} أي القرآن. {مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} من غير نظر واتباع دليل. {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ} أي من أضل منكم، فوضع الموصول موضع الضمير شرحاً لحالهم وتعليلاً لمزيد ضلالهم.
{سَنُرِيهِمْ ءاياتنا فِى الأفاق} يعني ما أخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام به من الحوادث الآتية وآثار النوازل الماضية، وما يسر الله له ولخلفائه من الفتوح والظهور على ممالك الشرق والغرب على وجه خارق للعادة. {وَفِى أَنفُسِهِمْ} ما ظهر فيما بين أهل مكة وما حل بهم، أو ما في بدن الإنسان من عجائب الصنع الدالة على كمال القدرة. {حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق} الضمير للقرآن أو الرسول أو التوحيد أو الله {أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ} أي أو لم يَكف ربك، والفاء مزيدة للتأكيد كأنه قيل: أو لم تحصل الكفاية به ولا تكاد تزاد في الفاعل إلا مع كفى. {أَنَّهُ على كُلّ شَئ شَهِيدٌ} بدل منه، والمعنى أو لم يكفك أنه تعالى على كل شيء شهيد محقق له فيحقق أمرك بإظهار الآيات الموعودة كما حقق سائر الأشياء الموعودة، أو مطلع فيعلم حالك وحالهم، أو لم يكف الإنسان رادعاً عن المعاصي أنه تعالى مطلع على كل شيء لا يخفى عليه خافية.
{أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍ} شك، وقرئ بالضم وهو لغة كخفية وخفية. {مّن لّقَاء رَبّهِمْ} بالبعث والجزاء. {أَلاَ إِنَّهُ بِكُلّ شَئ مُّحِيطُ} عالم بجمل الأشياء وتفاصيلها، مقتدر عليها لا يفوته شيء منها.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة السجدة أعطاه الله بكل حرف عشر حسنات».

1 | 2